«بالعلم ترتقي الأمم والشعوب»، عبارة آمن بها المصريون القدماء منذ نشأة عصر الأسر الفرعونية، فخصصوا المعابد لاستقبال الطلبة من جميع الأعمار؛ لتعليمهم العلوم المختلفة والقواعد والأخلاقيات التي سبقت بها مصر العالم أجمع، ومن ضمن الإنجازات العلمية التي قدمتها الحضارة المصرية القديمة كتاب «كميت» وهو أول كتاب مدرسي يرجع تاريخه إلي أواخر الأسرة الحادية عشرة، في القرن العشرين قبل الميلاد.

كميت أول كتاب مدرسي في التاريخ 

يعني لفظ «كميت» في مصر القديمة الأرض السمراء أو الأرض الطينية، حسب ما أوضحه الخبير الأثري عماد مهدي خلال حديثه لـ«الوطن»، مضيفًا أن كتاب كميت مرّ بالعديد من الإرهاصات قبل تقديمه بالشكل النهائي، إذ قدم عددًا من حكماء مصر مجموعة من القواعد والأخلاقات التعلمية منذ عهد الأسرة الخامسة، أبرزهم «بتاح حتب» الذي علم المصريين القدماء أقدم النصوص التي تدعو للقيم والأخلاق، منها: «إذا أردت أن يكون سلوكك حسنًا وأن تحررنفسك من كل الشرور، فاحذر أن تشتهي ما يملكه غيرك، أنه مرض لا شفاء منه، يجعل الود مستحيلا ويحيل الصديق عدوا».

وأضاف عضو اتحاد الأثريين المصريين، أن هذه القواعد والأخلاقيات تداولت بين القدماء المصريين حتى تم تجميعها في مجلد صُنع من ورق البردي عُرف باسم «كميت»، وهو أول كتاب مدرسي في التاريخ، وكان الطلبة يتناقلون العلم المدون فيه عن طريق الكتابة على «الأوستراكا» وهو كسّر الفخار.

نصوص كتاب كميت 

ومن النصوص الأخرى التي يحتويها كتاب كميت قول الحكيم كاجمني: «علموا المرأة يتعلم الرجل فيتعلم الشعب»، كما أشار الباحث الأثري إلى أحد أهم تعاليم الحكيم أمينيموبي التي تداولها المصريين القدماء حتى وضعت ضمن محتويات كتاب كميت: «لا تستعمل قلمك في الباطل، وإذا وجدت فقيرا عليه ديّن كبير فقسمه إلى ثلاثة أقسام وسامحه في اثنين وابقى واحدا وستجد ذلك سبيلا للحياة».

وكانت تُدرس التعاليم والدروس التي احتواها كتاب كميت في المدارس والجامعات المصرية القديمة، التي كانت تٌعرف باسم «برعنخ» أي بيت الحياة، كما تابع الباحث الأثري عماد مهدي: «تُعتبر جامعة أون المصرية هي أقدم جامعة علمية في العالم تأسست منذ حوالي 5000 عام، والتي كان يتسابق العلماء على الدراسة فيها مثل أفلاطون وفيثاغورس لتعلم الطب والهندسة والفلك وحلّ محلها الآن جامعة عين شمس».