مايك بيكوك*
تُصرّ وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، على أن تحقيق نمو اقتصادي أعلى يُمثل أولوية قصوى بالنسبة لها، إلا أن خطة الحكومة الحالية لمعالجة انخفاض الاستثمار المزمن في البلاد غير مشجعة وليست طموحة بالقدر الكافي، وقد يكون المطلوب إعادة النظر في هيكلية الوزارة نفسها.
وعدّلت ريفز قواعدها المالية للسماح باستثمارات إضافية بقيمة 113 مليار جنيه إسترليني، على مدى خمس سنوات، مع الحفاظ على التزامها بضمان انخفاض الدين كنسبة من الدخل القومي، خلال الفترة نفسها. وفي أحدث خطة إنفاق حكومية بريطانية كُشف عنها الأسبوع الماضي، بدأت الوزيرة بتخصيص رأس المال الإضافي لمجالات تشمل الدفاع والإسكان والبنية التحتية للنقل ومحطة طاقة نووية جديدة.
مع ذلك، ووفقاً للمكتب المسؤول عن الميزانية، وهو هيئة رقابية مالية مستقلة، سيرتفع إنفاق رأس المال في المملكة المتحدة إلى ذروة قدرها 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2027 و2028، ثم سيتراجع في العامين التاليين، مُواصلاً بذلك سجلاً ضعيفاً للاستثمار العام، يعود إلى الأزمة المالية العالمية.
وهناك دوافع نمو أخرى تبحث عنها ريفز، بما في ذلك تحرير الاقتصاد وزيادة استثمارات صناديق التقاعد البريطانية. إضافةً إلى ذلك، تسعى الحكومة إلى تبسيط قوانين التخطيط واتخاذ خطوات، وإن كانت محدودة، لإعادة بناء العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي.
لكن الحكومة مُقيدة أساساً بقواعدها المالية، فالوزارات مطالبة اليوم بالتوجه إلى وزارة المالية مباشرةً لمعرفة حجم إنفاقها، والخضوع لعمليات مراجعة دورية لتقدير حجم تدهور الوضع المالي، ما قد يؤدي إلى خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب. وهذا الأمر لا يُفرز استراتيجية نمو طويلة الأجل قابلة للتطبيق.
الشهر الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي، المعروف بتأييده للإنفاق الحكومي غير المُقيد، بأن على المملكة المتحدة النظر في اتباع نهج أكثر براغماتية، لتجنب الاضطرار إلى تغيير السياسات بشكل مُتكرر، واقترح ألا تتطلب المخالفات البسيطة إجراءات تصحيحية فورية، وأن تقييم القواعد يجب أن يتم مرة واحدة سنوياً.
ولكن بريطانيا على ما يبدو، تحتاج إلى حل أكثر جذرية لتخرج من حلقة النمو المنخفض والإنتاجية التي لازمتها لعقدين من الزمن. وخلال هذه الفترة، تضاعف الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ثلاث مرات تقريباً، في حين استقرت حصيلة الضرائب الوطنية، ما يشير إلى أن جزءاً من المشكلة، يكمن في طريقة عمل وزارة المالية.
اليوم، تحتاج آلية الحكومة إلى إعادة ضبط للتركيز بشكل أكثر منهجية على الاستثمار الإنتاجي، الذي يمكن أن يساعد في نهاية المطاف على خفض الدين بمرور الوقت. وفي هذا الصدد، طلبت ريفز من المكتب المسؤول عن الميزانية تقييم الأثر طويل المدى لقرارات الإنفاق الرأسمالي، لتحديد ما إذا كان بإمكانها تحسين المالية العامة. كما تعمل على تغيير قواعد «الكتاب الأخضر» لوزارة الخزانة، التي تُملي الموافقة على المشاريع الرأسمالية، واستبدال التحليل الضيق للكلفة والعائد بتقييم الأثر في الأهداف الاستراتيجية الأوسع، مثل النهوض بالمناطق الأكثر فقراً في المملكة المتحدة. ومع ذلك، لا تزال المشكلة الأساسية، تتمثل بالنفوذ الكبير الذي تتمتع به وزارة الخزانة داخل حكومة المملكة المتحدة، وتضييقها الخناق المالي أكثر، ما يؤدي إلى تدهور آفاق النمو. وجادل باحثون حكوميون، بأن الثقل الاقتصادي لفريق رئيس الوزراء البريطاني بحاجة إلى تعزيز أكثر كقوة موازنة. إضافة إلى أن لدى بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا وإسبانيا وهولندا وغيرها، وزارة مالية، وأخرى منفصلة تُركز على النمو الاقتصادي في قلب الحكومة.
في غضون ذلك، تتزايد الدعوات لتغيير جذري في وزارة المالية. ودعا موريس غلاسمان، عضو في مجلس اللوردات البريطاني، إلى إلغاء وزارة الخزانة والقواعد المالية الناظمة، والسعي إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية.
* مدير الاتصالات السابق في بنك إنجلترا، ومحرر في «رويترز»
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق