نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان بين مطلب الضمانات وهواجس التصعيد - بوابة فكرة وي, اليوم السبت 5 يوليو 2025 04:11 صباحاً
في غمرة التحركات الدولية المتسارعة على الساحة اللبنانية، تتقدم الورقة الأميركية التي حملها المبعوث توم باراك كمحور جديد يحاول إعادة صوغ هوية لبنان السياسية والأمنية في المنطقة. بالنسبة إلى الأميركيين ومن يؤيدهم، تحمل الورقة في طياتها مشروعاً متكاملاً يمتد من الجنوب اللبناني إلى عمق الخارطة الإقليمية، ويضع على الطاولة جملة من الشروط والالتزامات التي يتوقف عليها شكل لبنان ودوره في المرحلة المقبلة.
في هذا السياق يبرز الموقف اللبناني الرسمي المجمع على ضرورة التفاوض ضمن ثوابت واضحة تحفظ السيادة وتراعي التعقيدات اللبنانية الداخلية، وبالتالي الإجابة على الورقة الأميركية لن تكون على شكل "نعم" و"كلا"، بل ستحمل ملاحظات وأسئلة لبنانية تطال العمق، وهي التي ستشكل أساس النظر الى المرحلة المقبلة.
بالنسبة إلى الحزب فهو يقرأ بين سطور الورقة الأميركية نية لإعادة إنتاج تفاهمات غير متكافئة، وتسعى لفرض الإستسلام على لبنان، لذلك هو يضع على رأس أولوياته توفير "ضمانات حقيقية" تسبق أي خطوة جدّية في ملف ضبط السلاح، فمن منظور حزب الله، المشكلة ليست في مضمون الورقة فقط، بل في البيئة السياسية التي تحيط بها، خصوصاً أن تجارب السنوات الماضية أظهرت هشاشة التفاهمات عندما يتعلق الأمر بمدى التزام إسرائيل بأي اتفاق. فالحزب يعتبر أن الحكومة اللبنانية سبق أن التزمت بوقف إطلاق النار في تشرين الأول الفائت، بدعم أميركي واضح، إلا أن إسرائيل استمرت في خروقاتها وعدوانها، من دون أن يمارس المجتمع الدولي أي ضغط جدي عليها، فما الذي سيتغير اليوم؟.
هنا تحديداً تبرز بحسب مصادر سياسية أهمية الضمانات كشرط غير قابل للمساومة في الرد اللبناني المرتقب. الضمانات، وفق المصادر، يجب أن تكون ملموسة وقابلة للتطبيق، ولا تقتصر على وعود شفهية أو بيانات سياسية فضفاضة. من وجهة نظر الحزب، الالتزام بسحب السلاح أو ضبطه لا يمكن أن يكون خطوة استباقية أو تنازلاً مجانياً، بل يجب أن يترافق مع انسحاب إسرائيلي كامل من الجنوب، وتوقّف العمليات العسكرية، وإطلاق سراح الأسرى، والدفع قدماً بملف إعادة الإعمار.
ترى المصادر أن الورقة الأميركية قد تحمل فرصة لتبريد الساحة، لكنها، في جوهرها، محكومة بسقف الضمانات والالتزامات المتبادلة. فدون ضمانات حقيقية وملموسة، ستبقى المبادرة محكومة بالفشل، لا سيما في ظل انعدام الثقة التاريخي بين حزب الله وإسرائيل، وتجارب المماطلة الدولية.
في خلفية كل ذلك، يخيّم شبح التصعيد الإسرائيلي كأداة ضغط أساسية على لبنان. الرسائل الدولية التي وصلت إلى بيروت، وفق ما تنقله المصادر، تحمل في طياتها تهديداً مبطّناً يقول إما القبول بالمقترحات الأميركية، بما فيها الشق المتعلق بالسلاح، وإما ترك البلد يواجه مصيره مع التصعيد الإسرائيلي، الذي بدأ يتخذ منحى متدرجاً ومتسارعاً مع توسيع الرقعة الجغرافية للإغتيالات.
من هنا، الرد اللبناني المرتقب ليس مجرد وثيقة سياسية، بل هو إعلان موقف يعكس ميزان القوة الداخلي، ويحدد سقف التنازلات الممكنة وحدود الصمود الوطني في وجه الضغوط الخارجية. وما بين سطور الورقة الأميركية، يتحدد مصير الجنوب، وربما مصير كل لبنان.
0 تعليق