مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة الثلاثاء، تتوجه أنظار المستثمرين إلى الأسواق المالية في محاولة لفهم تأثير نتائج الانتخابات على الأسهم، حيث تشير الاستطلاعات ومنصات المراهنات إلى سباق متقارب بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب. وقد أظهر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» بالتعاون مع منصة «إبسوس» تراجع تقدم هاريس على ترامب إلى نقطة واحدة فقط، مما يزيد من التوتر حول نتيجة هذه الانتخابات.

وتشير توقعات عدد من المحللين الماليين إلى أن عودة ترامب إلى الرئاسة قد تكون دافعاً لنمو الأسواق المالية، خاصةً إذا تحقق سيناريو «الحكومة المنقسمة»، الذي يتوقع أن يحد من قدرة الرئيس على تنفيذ سياساته بالكامل. وقد لوحظت مكاسب في أسهم العملات الرقمية والشركات الصغيرة قبل الانتخابات، حيث يبدو أن المستثمرين يستعدون لتغير محتمل في السياسات الاقتصادية.

التوقعات المحتملة في حالة فوز ترامب:

الأسهم المصرفية: من المتوقع أن يستفيد قطاع البنوك في حالة فوز ترامب، حيث يُرجح أن يؤدي ذلك إلى تخفيف القيود التنظيمية وزيادة الاستثمار الداخلي. ويشير المحللون في «بنك أوف أميركا» إلى أن بنوكاً مثل «جيه بي مورغان» و«بنك أوف أميركا» و«ويلز فارجو» قد تشهد ارتفاعاً في أسعار أسهمها نتيجة التحفيزات الضريبية وزيادة فرص العمل المحلية. ومع ذلك، فإن توسيع العجز التجاري وفرض رسوم جمركية واسعة قد يشكل تحديات محتملة للقطاع المصرفي.

العملات الرقمية: تشير توقعات محللي «تي دي كوين» إلى أن فوز ترامب قد ينعش العملات الرقمية بفضل نهجه الأكثر دعماً تجاه هذا القطاع. ومع احتمال تعيين رئيس للجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية يدعم العملات الرقمية، قد تستفيد عدد من شركات التشفير، مثل «مايكروستراتيجي» و«ريوت بلاتفورمز» و«هوت 8» و«بيت ديجيتال»، التي شهدت أسهمها مكاسب تتراوح بين 3.4% و45% في أكتوبر.

قطاع الطاقة: يرى محللو «مورغان ستانلي» أن رئاسة ترامب قد تركز على تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز المحلي، حيث سيسعى لدعم قطاعات الوقود الأحفوري بما يعزز الإنتاج المحلي. ومن المتوقع أن تستفيد شركات مثل «شيفرون» و«إكسون موبيل» و«كونوكو فيليبس» من سياسات تشجع على زيادة مستويات الإنتاج المحلي. كما قد يؤدي التوجه لإلغاء تعليق تصاريح مشاريع الغاز الطبيعي المسال إلى انتعاش شركات مثل «بايكر هيوز» و«تشارت إندستريز». لكن من ناحية أخرى، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات من الصين قد يؤثر سلباً على شركات تصدير الغاز المسال مثل «تشينير إنرجي» في حال ردت الصين بإجراءات انتقامية.

مشغلو السجون الخاصة: قد تكون شركات تشغيل السجون مثل «جيو غروب» و«كورسي فيك» من المستفيدين في حال فوز ترامب، نظراً لتعهده بتشديد سياسات الهجرة والحد من الهجرة القانونية، مما قد يزيد الطلب على مراكز الاحتجاز.

شركات الشحن والنقل: تتوقع «ويلز فارجو» أن تؤثر الرسوم الجمركية المقترحة على الواردات الصينية سلباً على شركات الشحن مثل «فيدكس» و«يونايتد بارسل سيرفس» و«C.H. Robinson»، التي تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية في عملياتها.

الأسهم الصغيرة: تستفيد الشركات الصغيرة الأمريكية من التوجهات الاقتصادية التي تدعم الإنتاج المحلي والحوافز الاستثمارية. وقد شهد مؤشر «راسل 2000» للشركات الصغيرة ارتفاعاً يقارب 9% منذ بداية العام 2024، مما يشير إلى توقعات إيجابية لهذه الشركات في ظل سياسات ترامب.

التوقعات المحتملة في حالة فوز هاريس:

شركات البناء والتطوير العقاري: تعهدت هاريس بدعم برامج بناء المنازل وتقليل التكاليف على المستأجرين والمشترين من خلال حوافز ضريبية، ما قد يعود بالنفع على شركات البناء مثل «دي آر هورتون» و«كيه بي هوم» و«لينيير» و«زولو غروب». وقد تسهم البيئة الملائمة لأسعار الفائدة في تحقيق نمو ملحوظ في هذا القطاع.

قطاع الرعاية الصحية: يعتبر قطاع الرعاية الصحية من القطاعات الأساسية في حملة هاريس، التي تعهدت بتخفيض تكاليف الرعاية الصحية وفرض سقف لأسعار الأدوية. وقد يؤثر هذا التوجه على أرباح شركات الأدوية الكبرى مثل «إيلي ليلي» و«ميرك» و«فايزر». من ناحية أخرى، تتوقع «سانجاك ألفا» أن تستفيد شركات التأمين الصحي مثل «هيومانا» و«يونايتد هيلث غروب» من توسيع نطاق التغطية الصحية.

الضرائب على الشركات: تقترح هاريس رفع الضرائب على الشركات والأثرياء إلى 28%، مما قد يساعد في تقليل العجز الأمريكي. وقد يؤثر هذا التوجه سلباً على أرباح بعض الشركات الكبيرة مثل «مايكروسوفت» و«آبل» و«ألفابيت»، التي تحملت أعلى الضرائب في السنة المالية الماضية. ويرى المحللون في «سيتر» أن حدوث موجة زرقاء قد يؤدي إلى تراجع مؤقت في السوق نتيجة لرفع معدلات الضرائب.

أسهم الطاقة المتجددة: تشير التوقعات إلى ازدهار الطاقة المتجددة في حال فوز هاريس، حيث من المتوقع أن تزيد من الحوافز والدعم لهذا القطاع، بالإضافة إلى فرض قيود على شركات النفط الكبرى. كما تهدف هاريس إلى خفض التلوث بشكل كبير بحلول 2035، تماشياً مع اتفاقية باريس المناخية التي تعهدت بالالتزام بها. ويُتوقع أن تستفيد شركات الطاقة المتجددة الأمريكية مثل «نكست إيرا إنرجي» وشركات إنتاج الهيدروجين مثل «بلوغ باور» و«بلوم إنرجي» من سياسات هاريس الداعمة للبيئة.

تبقى نتائج الانتخابات المقبلة نقطة حاسمة في تحديد مسار الاقتصاد الأمريكي وتأثيره على الأسواق المالية. ومع اختلاف السياسات المتوقعة بين كل من هاريس وترامب، تتوقع الأسواق تفاعلات متفاوتة بناءً على هوية الفائز، حيث يعكس كل منهما رؤى اقتصادية متباينة تصب في مجالات وقطاعات مختلفة من الاقتصاد.