نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لهذا يجلّ الرئيس السيسي بطل الحرب والسلام - بوابة فكرة وي, اليوم الأحد 3 نوفمبر 2024 08:26 صباحاً
سبق عصره وهزم خصومه من قبره.. السادات "رجل الأزمة"
شجاعة نادرة في اتخاذ قرارات مصيرية غيّرت مسار التاريخ.. ودفع حياته من أجل السلام
اتخذ قرار الحرب في ظل ظروف صعبة وضغوط هائلة لم تفقده تماسكه الذهني فأجاد التخطيط والإعداد والتنفيذ
دراسة أمريكية: استفاد من جميع أدوات القوة الوطنية ليؤثر استراتيجيًا في الصراع العربي-الإسرائيلي
بنى استراتيجيته على تعزيز الدعم الشعبى وتقوية قاعدة سلطته السياسية وتنشيط الجيش ليصبح قوة فعالة.. وتأمين تأييد دولي وتعزيز التضامن العربي
يعكس تذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي للزعيم الراحل محمد أنور السادات تقديرًا عميقًا، كونه قائدًا استثنائيًا ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ مصر والأمة العربية، حيث يرى فيه شخصية جمعت بين الشجاعة والحكمة، إذ كان قراره بالدخول في حرب أكتوبر 1973 مثالاً للتضحية من أجل كرامة الوطن، وأظهر شجاعة نادرة في اتخاذ قرارات مصيرية غيّرت مسار التاريخ.
وفي كثير من الفعاليات، أظهر الرئيس تقديره لإسهامات السادات في صنع السلام وتحقيق الاستقرار، مسلطًا الضوء على رؤيته المستقبلية التي شكلت حجر الأساس للعديد من السياسات الوطنية والدولية، ومؤكداً على كونه نموذجًا يُحتذى به في الولاء للوطن والإرادة الصلبة لتحقيق طموحات الشعب المصري.
ولا يترك الرئيس مناسبة وطنية، إلا ويتذكر الزعيم الراحل محمد أنور السادات، الذي دفع حياته من أجل السلام، ويظهر حرصه دائمًا على التعبير عن الشكر والامتنان والتوجه بالتحية والتقدير لروحه، على ما قدمه من جهود كبيرة في خدمة البلاد، واسترداد الأرض من أيادي العدو بعد سنوات من الاحتلال.
ولم تكن احتفالية القبائل العربية المناسبة الأخيرة التي ذكر فيها الرئيس الزعيم الراحل، وفي 12 أكتوبر الماضي، استعادها مجددا وأكد أنه سبق عصره وهزم خصومه حتى هو غائب وغير موجود.
وأضاف الرئيس خلال افتتاح محطة قطارات بشتيل، أن السادات تحدث عن السلام ووقتها، واعترض البعض، متابعاً بالقول: "أعتقد أن كل 10 سنوات يُكتَب للسادات صفحة جديدة في التاريخ"، مشيراً إلى أنه ليس ضرورياً أن تكون جميع القرارات مفهومة في وقتها، فالزمن كفيل في النهاية بتوضيح الأمور وتفسيرها.
وخلال الندوة التثقيفية الـ34 للقوات المسلحة في 6 أكتوبر 2021، قدم الرئيس في كلمته التحية والتقدير للراحل السادات، وقال: "دايما أدبيات وثقافة كل عصر تشكل حاجزا وجدارا أمام صناع القرار في عصرهم، لأنها قد تكون واضحة بالنسبة لهم وقد تكون عندهم القدرة والاستعداد لاقتحامها لكن كان بيتعامل مع أدبيات مستقرة قد لا يكون فيه كثير يستطيعون رؤية هذا التجاوز، بعتبر إن قرار الرئيس السادات ومبادرته للسلام، هي قدرة على قراءة واستعداد لتجاوز أدبيات مستقرة في عصره".
وفي 25 ديسمبر 2019 وبالتزامن مع حلول الذكرى الـ101 لميلاد الزعيم الراحل، قال الرئيس السيسي في خطابه: "السادات قام بواحدة من أعظم وأشجع مبادرات العصر الحديث، حين وقَّع معاهدة السلام مع إسرائيل"، مشيرًا إلى أن السادات في عهده، جعل مصر تعلو ولا يُعلى عليها. بينما قال في مئوية الرئيس الراحل أنور السادات عام 2018: "نحتفل بالذكرى المئوية لميلاد رجلٍ من أشجع وأخلص أبناء مصر، رجل تجسدت فيه حكمة شعب مصر العريق، امتلك شجاعة القرار، ورؤية المستقبل، فاستحق تقديراً خالداً من شعبه ووطنه، بل ومن جميع شعوب العالم، هو الزعيم الراحل محمد أنور السادات، البطل المصري، الذي تظل سيرته ملهمةً لنا، وللأجيال القادمة من بعدنا".
وتابع: "لقد اتخذ السادات قرار حرب أكتوبر المجيدة في ظل ظروف صعبة، وتحت ضغوط هائلة، لم تفقده تماسكه الذهني والعصبي، فأجاد التخطيط والإعداد والترتيب، سياسياً من خلال عبقرية واضحة مشهود لها، وعسكرياً من خلال كفاءة وقدرة قواتنا المسلحة العظيمة، فكان الانتصار الذي أعاد لمصر وللأمة العربية بأسرها الكرامة والشرف، وأكد مدى قوة وصلابة هذا الشعب العظيم".
رجل الأزمة
وجسد السادات، بصفته رجل الأزمة، دورًا حاسمًا في تحقيق العبور خلال حرب أكتوبر 1973، حيث يعد صاحب القرار الشجاع الذي تجاوز النفق المظلم، فقد أظهر حنكته عبر قيادته الفذة، وحوّل صبر الشعب إلى قوة حرب ونضال، فقد أكد وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر أن السادات كان الزعيم المصري الذي قاد مسار السلام مع إسرائيل، مما مهد الطريق أمام التسويات في الصراع العربي-الإسرائيلي حتى بعد رحيله بأربعين عامًا.
واستند السادات في استراتيجيته إلى رؤية عسكرية وأمنية متكاملة، تحدثت عنها دراسات عدة، من بينها دراسة بعنوان "استراتيجية الأمن القومي لأنور السادات في حرب أكتوبر"، والتي أعدها باحثون بجامعة الدفاع الوطني الأمريكية، أوضحت كيف تمكن السادات من تحقيق أهداف وطنية عبر حملة عسكرية محدودة، سعى من خلالها تحقيق النصر بعد هزيمة 1967، واسترداد الأراضي المصرية في سيناء، وكسر أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
وحددت الاستراتيجية الوطنية التي تبناها السادات أهدافًا عسكرية تهدف لتوجيه خسائر فادحة للعدو، واستعادة قناة السويس والسيطرة عليها، ولم يكن قرار الحرب بحد ذاته هو الصعب، بل التحدي الأكبر كان في قدرة السادات على تحقيق أهدافه السياسية في ظل بيئة دولية معقدة، فقد تمكن السادات من بناء خطة عسكرية دقيقة لكسر الجمود السياسي، رغم القيود الدولية وواقع الحرب الباردة.
ووُصف السادات من قبل قادة عسكريين كقائد استثنائي، حيث استطاع تحقيق أهدافه رغم الموارد المحدودة ومخاطر كبيرة.
وفقًا للدراسة الأمريكية، استفاد السادات من جميع أدوات القوة الوطنية، محققًا تأثيرًا استراتيجيًا على مستوى الصراع العربي-الإسرائيلي. استندت طموحاته إلى مصالح وطنية تمحورت حول "الشرف الوطني، الأرض، والأمن"، حيث كانت استعادة الشرف الوطني هي الدافع الرئيسي لتحدي إسرائيل بعد نكسة 1967.
في حديثه مع مجلة نيوزويك الأمريكية عام 1973، صرح السادات أن العرب يمكنهم تحمل الهزائم، مؤكدًا أن النصر يتحقق بالصمود. وأثبت السادات أن العدو الإسرائيلي ليس عصيًا على إرادة المصريين، حيث قال في 30 سبتمبر 1973 إن هدفه الاستراتيجي هو تحدي نظرية الأمن الإسرائيلي بقوة مصرية، مما يؤكد رؤيته الاستراتيجية بعيدة المدى في تحقيق توازن قوى جديد في المنطقة.
السياسي المناور
وأكدت الدراسة الأمريكية أن السادات قد صاغ استراتيجيته في إطار ما سماه "عام الحسم"، وأكد مرارًا أن الوضع القائم بعد حرب 1967 لم يكن مقبولًا، فقد تميزت هذه الفترة بتحولات في العلاقات المصرية السوفيتية، حيث اتجه السادات لتقليص تأثير موسكو على السياسة المصرية، مع فتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة رغم دعمها لإسرائيل، وكانت خطوته جزءً من توجه أوسع لتحييد الاستقطاب الثنائي بين القطبين وكسر تبعية مصر للمعسكر السوفيتي.
وسعى السادات من خلال مناورة سياسية بارعة، لتحقيق أهدافه الاستراتيجية بتأهيل الوضع الداخلي والخارجي لقرار الحرب، وتهيئة الرأي العام والشعبي والدولي لاستعداده لأي تصعيد، ورغم أن "عام الحسم" انتقل من عام 1971 إلى عام 1973، أصر السادات على التمهيد للمعركة بتوفير كل الشروط التي تضمن له النجاح.
وفي مقابلة "نيوزويك"، قال السادات: "إذا لم نتحرك لحل قضيتنا بأنفسنا، فلن يكون هناك أي تحرك حقيقي.. كل ما فعلته يضغط من أجل تقديم تنازلات أكبر.. لقد باتت كل موارد البلد الآن محشودة بجدية لاستئناف المعركة، وهي معركة لا مفر منها". وأشار السادات إلى الاتحاد السوفيتي ضمن حديثه عن التوترات الدولية، موضحًا أن انسحاب المستشارين العسكريين السوفيت من مصر عام 1972 كان جزءًا من خططه، مع التأكيد على أنه انتظر الانتخابات الأمريكية ليرى تأثيرها قبل اتخاذ قراره النهائي بالتحرك.
وقد تطلبت تلك الاستراتيجية، كما تشير الدراسة، مناورة حذقة وخطة متقنة، ففي الداخل، كان على السادات أن يعزز دعمه الشعبي، ويقوي قاعدة سلطته السياسية، ويعيد تنشيط الجيش ليصبح قوة فعالة، أما على الصعيد الخارجي، فكان عليه تأمين دعم دولي وعربي وتعزيز التضامن في العالم العربي، إضافةً إلى دراسة أدوار القوى العظمى وتوظيفها لخدمة موقف مصر.
وبقراءة في الدراسة الأمريكية، نجد أنه بالنظر للسياق العالمي عام 1973، كانت استراتيجية السادات محفوفة بالمخاطر للغاية، فلم يكن لدى مصر قوة بقاء حقيقية لحرب الاستنزاف، وبالتالي أدى وجود القوى العظمى إلى زيادة المخاطر بالنسبة لمصر بشكل كبير، مشيرة إلى أن الأمر لم يقتصر على محاولة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي منع الحرب أو التدخل قبل تحقيق أهداف السادات، بل كان هناك احتمال نشوب مواجهة بين القوى العظمى. ولم يخدم أي من هذه السيناريوهات مصالح مصر.
ومما دفع السادات إلى سرعة التحرك مبكراً بعيداً عن المعسكر الشرقي "السوفيتي" دخول العالم في "مرحلة اللا سلام واللا حرب"، والتي كانت نتيجة لـ "سياسة الوفاق"، التي ارتبطت في فترة السبعينات بمحادثات الوفاق بين واشنطن وموسكو، وعلقت بأسماء الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ومستشاره للأمن القومي ووزير خارجيته هنري كسنجر وليونيد بريجنيف، الأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي، وبالتالي تحرك السادات نحو تخفيف العزلة السياسية المفروضة على مصر وفتح قنوات اتصال أخرى مع واشنطن نفسها والدول الأوروبية، وهي مرحلة اعتبرها الدبلوماسيون أكثر تقدماً، حيث رأى السادات بالفعل إحجام روسيا عن تزويده بالأسلحة الهجومية التي يحتاجها لشن هجوم على الإسرائيليين، وكان يدرك أن أهداف القوى العظمى لم تكن مثل أهدافه، كما لاحظ أنه: "كان من الواضح أن المأزق - لا سلام ولا حرب - يناسب القوى العظمى".
لا يقبل رؤية أحد
اتخذ السادات مسارًا خاصًا لا يقبل فيه رؤية أو تأثير أحد، حيث اعتمد في تحركاته على ركائز مصرية بحتة، ليحوّل العجز العسكري والسياسي إلى قوة، كما اعتمد على الترويج لإظهار مصر كدولة غير قادرة على خوض الحرب، كجزء من استراتيجيته في الخداع، ما جعل الجميع يعتقدون بعدم استعداد مصر للمواجهة، بينما عمل بصمت على تقوية قدراتها العسكرية والسياسية.
وأشارت دراسة جامعة الدفاع الوطني الأمريكية إلى أن السادات حول هذا النقص إلى مصدر قوة، إذ ركز على بناء قوة مصر الوطنية بترتيب استراتيجي دقيق، وانتظر لحظة اكتمال التحضيرات لدعم أهدافه. بالنسبة له، كان كسر الجمود في المفاوضات مرهونًا بأي نجاح على الأرض، وكان يؤمن بأن استعادة حتى بضع بوصات من سيناء يمكن أن تغير المعادلة كليًا، لتفتح الباب أمام تدخل القوى العظمى لبلورة حل دائم.
لقد أظهر السادات براعة فريدة في إدارة العملية السياسية، فنجح بتهيئة الظروف للنصر بحنكة كبيرة، يقول هنري كيسنجر، إن السادات خاض الحرب بهدف استعادة كرامة مصر، معززًا بذلك مرونة بلاده في الدبلوماسية، ومؤكدًا أن قادة الدول نادرًا ما يدخلون الحرب بهدف استراتيجي محدد كما فعل السادات.
إن استراتيجية السادات كانت متعددة المسارات، شملت السياسة الداخلية والدولية والعسكرية، حيث عمل لمدة ثلاث سنوات على تهيئة الشعب للحرب، مصممًا على إحداث تغيير جذري في واقع مصر دون انتظار تدخل أو ضغط خارجي. وكان هذا التصميم يعبر عن رؤيته الصلبة لتحدي الواقع المأزوم وتحقيق أهدافه بصفته القائد الوحيد القادر على صنع التغيير.
يقول الكاتب الأمريكي لورانس رايت في كتابه "13 يوماً من سبتمبر"، إنه عندما تولى السادات الرئاسة ظنه الجميع ضعيفًا سينسحب سريعًا، لكنه قلب التوقعات، وأثبت أنه قائد قوي ذو رؤية استراتيجية، واصفاً السادات بأنه مفكر جريء ومرن في سبيل تحقيق أهدافه، مسلطًا الضوء على اختلافه عن بيجن، حيث كان السادات يستجيب بالعموميات عند الضغوط بينما تمسك بيجن بالتفاصيل، مما جعله شخصية تاريخية برؤية ثابتة.
يشير تحليل للدكتور جيرولد بوست، مؤسس مركز تحليل الشخصية والسلوك السياسي (CAPB) في وكالة المخابرات المركزية "CIA"إلى أن نظرية "الصورة الكبيرة"، هي أحد أهم محاور سلوك السادات السياسي، التي تحرك عقله، قادراً على تجاوز التفاصيل في مقابل الوصول لأهدافه الشاملة وتحقيقها، وبالتالي كان لثقته بنفسه ونظرته الخاصة لنفسه دورا فعالا في تطوير سياسته الخارجية المبتكرة، والسبب الرئيسي لمرونته وقدرته على التحرك خارج العزلة الثقافية للعالم العربي.
وحصلت الباحثة دانييلا كاسترو على درجة الدكتوراه في ديسمبر 2015 عن دراسة تناولت تحليلاً معمقًا لخطابات السادات بعنوان "فك شفرة الخطاب: تحليل محتوى للرئيس المصري أنور السادات"، وصفت فيه عقلية السادات بأنها تتسم بالحكمة والصبر، معتمدة في تحليلاتها على خمسة خطابات هامة ألقاها السادات، شملت: (إعلانه عن مبادرة السلام في 4 فبراير 1971، وكلمته التاريخية أمام الكنيست في 20 نوفمبر 1977، وخطابه خلال تسلمه جائزة نوبل في 10 ديسمبر 1978، وكلمته بأسوان في 4 يناير 1978، وخطابه لدى وصوله إلى الولايات المتحدة في 3 فبراير 1978).
ورأت كاسترو أن شخصية السادات تتميز بالحكمة والصبر وقوة الإرادة والتفاني، معتبرة إياه قائداً فريداً من نوعه في الشرق الأوسط، إذ أثبت طوال حياته قدرته على حل التحديات المعقدة.
ومن خلال تحليل دقيق لاختيارات السادات في الكلمات ونبرته وتكرار مفردات معينة، أوضحت كاسترو كيف كان السادات واضحًا ومباشرًا في توجهاته السياسية، فقد كان مصراً على عدم التفاوض مع إسرائيل إلا في حال استعادة سيناء وتحقيق العدالة للدول العربية، والسادات استخدم لفظ "العدو" للإشارة إلى إسرائيل في خطابه الأول للسلام عام 1971، مكرراً هذا التعبير أربع عشرة مرة، ليؤكد موقفه القوي والحازم تجاه السلام بشروط تحفظ الحقوق العربية.
0 تعليق