عاجل

عودة الملك: قصة سقوط وصعود إلفيس بريسلي - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

مارلين سلوم

الفن لا يموت، يرحل الفنانون وتتوالى الأجيال وتتبدل العصور ويبقى الفن حاضراً، تنتقل الأعمال وتعبر المدن والأجيال وتبقى خالدة وكأنها تتجدد ويبقى لها حضورها وجمهورها؛ بعد 47 عاماً من رحيله، ما زال ملك الروك أند رول يجدد حضوره، وما زالت الأجيال تتوارث حبها له خصوصاً في أمريكا ويتوافد المعجبون لإحياء ذكراه بطرق مختلفة؛ إلفيس بريسلي نجم أبهر الجميع وخطف قلوب الشباب حول العالم في ستينات القرن الماضي وحتى وفاته عام 1977، لكنه عاش مرحلة من الفشل رافقته سبعة أعوام، نهض بعدها أقوى من ذي قبل، «عودة الملك: سقوط وصعود إلفيس بريسلي» فيلم صدر حديثاً وتعرضه «نتفليكس» يتناول هذه المرحلة من الفشل والنجاح، فنرى كواليس من حياة هذا النجم، ونكتشف جوانب لا يعرفها سوى المقربين منه، والأهم أن العمل تشويقي متقن لا يجنح نحو الأفلام التوثيقية المملة، ما يسهم في جعله فيلماً مميزاً ننصح بمشاهدته والتعرف إلى الوجه الآخر لتسلط بعض مديري أعمال المشاهير واحتكار الفنانين وانعكاسه على مسيرتهم.
لا تجد كل الأفلام التوثيقية نسبة مشاهدة عالية غالباً، لأن الجمهور يهرب من ملل السرد ولا يُقبل على المشاهدة إلا إذا اهتم لأمر الشخصية التي يتناول سيرتها الفيلم؛ لكن العمل الفني المتقن يدفع الجميع للمشاهدة، و«عودة الملك: سقوط وصعود إلفيس بريسلي» الذي تولت إنتاجه زوجته بريسيلا بريسلي ومعها خمسة شركاء، من الأفلام الجيدة والممتعة، سواء أكنت من عشاق بريسلي أم أنك لا تعرفه، يتمكن المخرج جيسون هيهير من تقديم سيرته بأسلوب مشوق، ويضعك منذ اللقطة الأولى أمام الهدف الأساسي من العمل، وهو تسليط الضوء على تلك الحفلة التي اعتبرت الحد الفاصل بين مرحلتين مهمتين في مسيرة بريسلي الفنية، حفلة خاصة أطلقوا عليه اسم «العودة»، بعد انقطاع ملك الروك أند رول سبعة أعوام عن تقديم الحفلات المباشرة للجمهور على المسرح، سبعة أعوام تلقفه فيها مدير أعمال بعض النجوم العقيد توم باركر والذي وقع عقد احتكار معه فأخذه من العلاقة المباشرة مع الجمهور والحفلات والغناء الحي، ليدخله عالم هوليوود الساحر ويجعل منه ممثلاً سينمائياً؛ نقلة قد تكون شكلت له إضافة في أول فيلم «لاف مي تندر» عام 1956، لكنها تحوّلت إلى لعنة أحبطت النجم وتسببت في تراجع نجوميته وتلقيه سيلاً من الانتقادات من قبل الصحافة والجمهور بسبب الأفلام الرديئة والتافهة التي أدى بطولتها.
الحفلة البداية
يجعل المخرج حفلة العودة في يونيو 1968 هي البداية والمحور الرئيسي للأحداث، تتحدث الشخصيات التي رافقت إلفيس أو التي عاشت تلك المرحلة عن قرب، بلقطات مصورة تترافق مع لقطات مسجلة بصوت إلفيس ولقطات حية من ذلك الوقت وتلك المحطات التي عاشها بريسلي. يتميز المخرج هيهير باختياره لقطات من كواليس التحضير لـ «حفلة العودة» التي قدمها وعرضها مباشرة تلفزيون «إن بي سي»، يقول صديق «الملك» جيري شيلينج إن مستقبل بريسلي كان مرهوناً بهذه الحفلة، وقد سميت بالعودة، لأنها أول وقوف لبريسلي على الخشبة أمام الجمهور بعد غياب سبعة أعوام.. على الرغم من كل النجاح السريع الذي عرفه إلفيس والذي جعل منه نجماً محبوباً يستقطب حوله جيل الشباب وقد خلق لنفسه لوناً مميزاً وجديداً، جمع بين الروك أند رول وعشقه للأوبرا، في وقت كانت النزعة العنصرية فيه لا تزال عالية في أمريكا.. على الرغم من كل ذلك تردد كثيراً وتوتر بريسلي أثناء التدريبات، خاف لدرجة أنه فكر في إلغاء الحفل، ثم تحدى خوفه، لأنها لحظة مصيرية فإما أن تكون ولادة جديدة له وإما أن تكون النهاية لمسيرته الفنية.
حقيقة واحدة
كل من تحدث في بداية الفيلم وقبل أن يعرض المخرج التتر، يدور حول حقيقة واحدة، مسيرة بريسلي الفنية تواجه أزمة حقيقية، ومصيره على المحك، فإما أن يستعيد مكانته نجماً متألقاً وإما أن تسدل الستارة على تلك المسيرة القصيرة؛ اللافت في الفيلم أنه يجعل جمهور اليوم يكتشف ما يخفيه عالم الفن من قصص يعيشها النجوم ويعانونها، بينما لا يرى الجمهور سوى الإبهار والبريق؛ كما يلفتنا أكثر من مرة إلى ما يواجهه بعض النجوم من أزمات بسبب مديري الأعمال وعقود الاحتكار التي تتحكم فيها جهات إنتاجية تفرض على النجم شروطاً قاسية وقد تتسبب بتدميره وإحباطه، كما حصل مع بريسلي الذي شهد انطلاقة فنية صاروخية في بدايته وأحدث ما أسموه انقلاباً في الأغنية والموسيقى، ما جعل الآباء يرفضونه ويرفضون هذا التغيير الحاصل ويعتبرون إلفيس مفسداً للفن، ويخافون على أبنائهم من هذا «الانحدار في الذوق الفني»! تغيير قدّره كل خبير ومتذوق للفن وفتح أمام الشاب أبواب النجاح، ليعيش فترة ذهبية منذ انطلاقته عام 1954 وحتى التحاقه في التجنيد في الجيش الأمريكي وسفره للخدمة في ألمانيا، وقتها رافقته الصحافة وكاميرات التلفزيون، ليكون النجم الشاب المحب لوطنه نموذجاً إيجابياً في عيون الشباب.. مشاهد أرشيفية يعرضها الفيلم بجانب تعليقات من شخصيات حقيقية تشهد لتلك المرحلة مثل روبي روبرتسون وباز لورمان مخرج فيلم «إلفيس» (2022) وزوجته بريسيلا بريسلي والمغنية دارلين لاف وكونان أوبراين مقدم برامج تلفزيونية وممثل كوميدي.
غياب وعودة
بين آراء أهل الفن وزوجة بريسلي من جهة والمادة الأرشيفية من جهة ثانية، دخلنا عالم ملك الروك أند رول واستمتعنا ببعض أغانيه، وشاهدنا تفاعل الجمهور معه في بدايته ورواج أغنياته وانتشارها على الرغم من غيابه لعامين فترة الخدمة العسكرية في ألمانيا؛ حيث التقى لأول مرة ببريسيلا، وعودته إلى أمريكا وكأنه انتصر في الحرب، ليجد العقيد باركر قد أعد له برنامجاً مختلفاً فأخذه من الجمهور، ليقدمه ممثلاً في السينما فارضاً عليه أعمالاً تافهة، وهنا نكتشف أن بريسلي لم يحب أياً من تلك الأفلام؛ بل كان دائم الإحساس بالتوتر بسببها.. والمخرج يمر سريعاً على نشأة الفنان وصور له مع والديه ومدى تأثره بوالدته ووفاتها، ثم يتوقف عند محطات لافتة تكشف طبيعة المرحلة الفنية التي عاشها، مثل تركيزه على أن إلفيس نجح في صنع حالة مختلفة في ذلك الزمن وهو فتى صغير السن أبيض البشرة، في وقت كان الأمريكيون يعيشون رعباً من أن يتأثر أبناء البشرة البيضاء بثقافة ذوي البشرة السمراء؛ وهو ما فعله فعلياً الفتى بريسلي الذي تأثر بأغاني «الفنانين السود» ومنهم استوحى موسيقى وأداء الروك أند رول، ليكون أول شاب يتحدى المجتمع والعنصرية كونه أبيض ويغني ألحاناً مستوحاة من أغاني النجوم السمر.
بسبب العقيد توم باركر، انشغل إلفيس سبعة أعوام بصنع سلسلة من أفلام هوليوود المملة، في وقت صعدت فيه فرق شبابية مثل رولينج ستونز والبيتلز وموتاون وهندريكس وغيرها لتتصدر قوائم الأغاني ويتراجع إلفيس محبطاً، إلى أن قرر تحدي باركر وشركات الإنتاج ورفض تصوير الأفلام، ليقف مجدداً أمام الجمهور وتكون ولادته الثالثة كما أطلقوا عليها في حفلة العودة؛ حيث كانت الأولى انطلاقته الفنية والثانية بعد عوته من الخدمة العسكرية. نعيش متعة مشاهدة إلفيس وهو يؤدي أغانيه أمام الجمهور في هذا الحفل الخاص، والذي نقلنا فيه المخرج بذكاء من مرحلة التوتر التي عاشها في البداية وخلف الكواليس بريسلي، وحتى توتره في أول أغنية أمام الجمهور، لينقلنا لاحقاً المخرج إلى جمال هذا اللقاء وسحره الفني؛ حيث أبدع وتألق بريسلي وكأنه يثبت مجدداً أنه ملك الروك، وتدريجياً اطمأنت نفسه وبدأ يمازح الجمهور ويسخر من شكله وحركاته التي فرضوها عليه في الأفلام، سخرية أعجبت الجمهور وأزاحت حملاً عن كاهل النجم الذي جدد شعبيته وانطلق صعوداً مرة جديدة لينافس بقوة في سوق الأغاني.. مراحل هبوط وصعود، فشل ونجاح، أبدى فيها أصدقاء وزوجة بريسلي هم أيضاً انزعاجهم مما فرضه باركر على «الملك»، لا سيما تصويره وهو يغني الأغنية الطفولية الساذجة «أول ماكدونالدز» والتي لا تليق بنجم عرف شهرة واسعة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق