ملف السلاح يُفتح بضغط أميركي-إسرائيلي... ما موقف "حزب الله"؟! - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ملف السلاح يُفتح بضغط أميركي-إسرائيلي... ما موقف "حزب الله"؟! - بوابة فكرة وي, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 06:18 صباحاً

مجدّدًا، عاد إلى التداول السياسي والإعلامي ملف سلاح "حزب الله"، وسط ترقّب لزيارة الموفد الأميركي توم برّاك المُنتظرة خلال أيام، والتي يُفترَض أن تُقدّم أجوبة واضحة من الجانب اللبناني الرسمي بشأن أولويات المرحلة المقبلة، خصوصًا في ضوء الورقة التي سلّمها في زيارته الأولى، والتي اعتُبِرت بمثابة "خريطة طريق" شاملة، تجمع بين مختلف الاستحقاقات، من الوضع الأمني على الحدود، إلى المسار الإصلاحي والاقتصادي.

غير أنّ إعادة طرح ملف السلاح في هذا التوقيت لا يمكن قراءتها بمعزل عن تطورات المشهد الإقليمي، خصوصًا بعد أن هدأت فصول المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، في ظلّ تراجع وتيرة العمليات العسكرية في أكثر من ساحة. وبينما تشهد أكثر من عاصمة عربية وغربية حركة دبلوماسية ناشطة، بحثًا عن تسويات أو على الأقلّ "تفاهمات مؤقتة"، يبدو لبنان جزءًا من هذه الدينامية، إنما من بوابة مختلفة: سلاح "حزب الله".

فهل ما نشهده اليوم مجرّد "ملء للوقت الضائع" إلى حين اتّضاح صورة المنطقة، أم أنّ ثمة حراكًا جدّيًا بدأ في الكواليس لطرح هذا الملف على طاولة البحث، وسط رهان خارجي على "فرصة" قد تكون مؤاتية؟.

في الشكل، لا شيء يؤكد أنّ الملف بلغ مرحلة النضج، على الرغم من الأجواء التي توحي بحراك جدّي قد بدأ في هذا الإطار، وإن لم تنضج معطياته بالكامل حتى الآن، خصوصًا بعد زيارة برّاك الأولى إلى لبنان، والورقة التي تسلّمها المسؤولون اللبنانيون منه في هذا الصدد، علمًا أنّ المبعوثة الأميركية السابقة مورغان أورتاغوس كانت قد تحدّثت، قبل مغادرتها منصبها، عن جدول زمنيّ محدّد لسحب السلاح، وحصره بيد الدولة.

انطلاقًا من ذلك، ما يمكن تأكيده حتى اللحظة هو أنّ الحسم لا يزال بعيدًا، إذ لا قرارات، ولا طروحات مكتملة، ولا مواقف علنية حاسمة. لكن في العمق، ثمّة مؤشرات متزايدة توحي بأنّ ثمّة "شيئًا ما" يتحرّك خلف الكواليس، من زيارة برّاك المقبلة، والتي يُقال إنها قد تتضمّن مطالب أكثر وضوحًا وحزمًا بشأن مستقبل السلاح، إلى ما يُحكى عن جلسة نيابية ستُعقَد قريبًا، ويوضَع ملف السلاح على جدول أعمالها، وإن بصيغة تمهيدية، بهدف التأسيس لنقاش جدي بشأنه.

وتشير المعطيات المتداولة في الأوساط السياسية إلى أنّ الأميركيين يسعون إلى مقاربة هذا الملف من زاوية "التهدئة مقابل الضبط"، أي تثبيت وقف ​التصعيد الإسرائيلي​ على الحدود الجنوبية للبنان، مقابل إدخال ملف سلاح "حزب الله" ضمن جدول تفاهمات داخلية، قد تبدأ بمناقشات حول توسيع صلاحيات الدولة، وتمكين الجيش من الانتشار في المناطق الحدودية، تحت إشراف دولي غير معلن.

ويتردّد أيضًا أنّ الضغط لا يقتصر على الولايات المتحدة، بل من عواصم أوروبية تتبنّى الطرح نفسه، وبعضها يتحدّث حتى عن ربط ​المساعدات الاقتصادية​ بمستقبل هذا السلاح، لكنّ مطّلعين يرون أنّ ما يرشَح من الكواليس يُعبّر عن "نصف خطوة"، لا أكثر، في مسار طويل، قد لا يكتمل في المدى المنظور، لكنّه دخل حيّز التحريك الجاد، للمرة الأولى منذ سنوات، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية التقدّم في هذا الملف، ولو ببطء.

في المقابل، لا يشير حزب الله إلى أيّ استعداد لمراجعة موقفه الثابت من قضية السلاح. ويقول المطّلعون على أدبيّاته إنّه لا يزال يرى في هذا الملف "خطًا أحمر"، ويعتبر أنّ مجرد طرحه في هذا التوقيت هو محاولة لتوظيف المناخات السياسية بعد وقف الحرب على إيران، لإعادة فتح باب الضغوط عليه، مستفيدًا من التهدئة التي فرضها الحزب نفسه منذ أشهر تحت عنوان "الصبر الاستراتيجي".

من وجهة نظر الحزب، فإنّ السلاح لم يفقد مشروعيته، رغم كلّ ما يُقال عن عدم استخدامه في الحرب الأخيرة بما يكرّس معادلات "الردع" التي كانت قائمة افتراضيًا، بل إنّ الإصرار الخارجي على وضعه في سلّة أيّ تسوية، بحسب أصحاب هذا الرأي، يؤكّد أنّ هذا السلاح لا يزال عنصر قوّة فعلي في ميزان القوى، بدليل أنّ كلّ النقاشات الدولية والإقليمية تحوم حوله، بما يشمل حتى اقتراحات ترسيم الأدوار وتقاسم النفوذ.

ويعتبر الحزب، وفق العارفين بأدبياته، أنّ الحديث عن مناقشة هذا الملف داخل المؤسسات الدستورية أمر غير منطقي في ظلّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، والتي تكاد تكون يومية، فضلًا عن استمرار الاحتلال لأجزاء من الأراضي اللبنانية، لا سيّما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وعدم توافر أيّ ضمانات سياسية أو أمنية فعلية. وعليه، فإنّ أيّ نقاش حول مستقبل السلاح لا يمكن أن ينطلق من موقع "الضغوط"، بل من اعتراف بدور المقاومة، وبدلاً من التخلّي عن مصدر القوة الوحيد المتاح، المطلوب تعزيز موقع لبنان التفاوضي به.

في المحصّلة، يمكن القول إنّ ملف سلاح "حزب الله" عاد إلى الطاولة، لكنّه لم يتحوّل بعد إلى بند قابل للحسم. فالحراك قائم، والضغوط تتزايد، خصوصًا في ظلّ تصعيد الاعتداءات الإسرائيلية على العديد من المناطق الجنوبية في الأيام الأخيرة، والتي فُسّرت على أنها رسالة "ضغط" واضحة في مراميها ودلالاتها، إلا أنّ عناصر الحسم لم تكتمل بعد، لا داخليًا حيث الانقسام ما زال سيّد الموقف، ولا خارجيًا حيث التسويات لم تنضج بعد.

وإذا كان البعض يرى في ما يجري محاولة "استباقية" لتحضير الأجواء داخليًا قبل أيّ تطوّر إقليمي مفاجئ، قد يعيد خلط الأوراق من جديد، فإنّ آخرين لا يزالون يتعاملون مع الأمر بوصفه مجرّد جولة جديدة في لعبة عضّ الأصابع بين الأطراف المعنية، لا أكثر، باعتبار أنّ القاصي والداني يدرك أنّ ملف السلاح ليس شأنًا محليًا محض، بل إنّ البعد الإقليمي الذي ينطوي عليه، يبقى الأهمّ، خصوصًا في هذه المرحلة التي أعقبت المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل.

في كلّ الأحوال، تبقى الأسئلة مفتوحة: فهل تحريك ملف السلاح اليوم خطوة محسوبة ضمن مسار سياسي أكبر، أم مجرّد محاولة لملء فراغ التفاوض الإقليمي؟ وهل ما زالت الظروف اللبنانية تسمح بتناول هذا الملف بحساسيته من دون انفجار سياسي داخلي جديد؟ أسئلة قد تبقى معلّقة طويلًا، ما دامت الأجوبة الفعلية تُصاغ خارج الساحة اللبنانية نفسها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق