عاجل

«ميري جينتلمن».. فكرة ضد قيم الأسرة - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

مارلين سلوم

كلما قلبت في قائمة ما تعرضه حديثاً هذه المنصة، شعرت وكأن «نتفليكس» تسارع إلى خطف الأضواء من باقي المنصات والمحطات فتسبق الجميع إلى عرض أفلام تتوافق شكلياً وظاهرياً مع المواسم وتغيراتها، وهذا العام تسرعت كثيراً بإطلاق موسم «الكريسماس» منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول لتكثف العروض في نوفمبر/تشرين الثاني بشكل مبالغ فيه؛ والكل يعلم أن هذه النوعية من الأفلام كانت محببة لكل فئات الجمهور بغض النظر عن الأعمار والديانات وتصلح للمشاهدة الأسرية الآمنة، كونها لا تتضمن سوى القصص الاجتماعية الكوميدية والرومانسية والساذجة في آن، مثل «هوم ألون» و«جينجل أول ذا واي» وغيرهما.. لكن «نتفليكس» ارتأت أن تضيف بهارات غير مرغوب فيها، لتجعل من أجواء «الكريسماس» ديكوراً يجذب الجمهور إلى مضمون فارغ ومستوى لا يليق بالمشاهدة العائلية، وتشعر أنك وقعت في الفخ حين تشاهد مثلاً فيلم «ميري جينتلمن».
لا نحكم على الكم الكبير من أفلام «الكريسماس» التي تعرضها «نتفليكس» خلال هذا الموسم، فقد يكون من بينها أعمال جيدة وتصلح للمشاهدة لمن يبحث عن أفلام جميلة مسلية راقية في المشاعر التي تنقلها للجمهور، إنما نسلط الضوء على بعض النماذج غير المرغوبة والتي لا تصلح لأن تكون عائلية وفق معايير الأسرة العربية، كما تغيب عنها المشاعر الدافئة والطفولية والبريئة التي تعوّدنا معايشتها في أفلام كانت عالية التكلفة الإنتاجية لأنها كانت تتطلب سخاء في الديكور والزينة والتصوير والانتقال سفراً بين المناطق والدول، وتكثر فيها الشخصيات لأنها تحكي عن عائلات وأصدقاء وجيران وأحياء وشوارع والتصوير الخارجي فيها مكثف ويزيدها جمالاً مع مناظر الطبيعة وتساقط الثلوج والإحساس بالبرد الذي يصلك إلى بيتك ثم يشعرك بدفء المنزل ولمّة العائلة والمائدة.. فضلاً عن الثراء في الزينة الخارجية والداخلية والتي تجدها كيفما التفتت الكاميرا وفي أي مشهد يمر أمامك، وهي في الواقع حقيقية وتجدها في الدول الأوروبية والأمريكية حيث تصبح جزءاً أساسياً من ديكور المنازل داخلياً وخارجياً خلال فترة الاحتفال بالكريسماس.
«ميري جينتلمن» (عيد مجيد يا سادة) اسم سبق أن أطلق على فيلم إنما بصيغة المفرد «ميري جينتلمان» (2008) بطولة وإخراج مايكل كيتون لكن مضمونه وطبيعته مختلفة تماماً حيث يعتبر من أفلام الجريمة وتصنيفه لمن هم فوق الـ 17 عاماً؛ أما فيلم نتفليكس الحالي فتستغرب اكتفاء المنصة بتصنيفه بأنه يصلح للمشاهدة للجميع لكن تحت إشراف الأهل بالنسبة للأطفال! بينما بالنسبة لمجتمعاتنا العربية فهو لا يصلح للمشاهدة لمن هم تحت سن الرشد، علماً أنه ليس فيلماً رديئاً ولكنه ضعيف «مهلهل» وأحداثه العاطفية متوقعة ويفتقر إلى الشغف والقدرة على إثارة فضولنا لنعرف ما سيؤول إليه مصير أبطاله؛ بل يمكن القول بأنه استغل أجواء الكريسماس والعائلة لتقديم فكرة إباحية سيئة ولو بالإيحاء.
المشهد الأول
كوميدي موسيقي رومانسي، هذا ما يعرفون به «ميري جينتلمن»، إخراج وتأليف بيتر سوليفان وشاركه في الكتابة جيفري شينك ومارلا سوكولوف التي تشارك في التمثيل بدور ماري شقيقة البطلة آشلي والتي تجسدها بريت روبرتسون؛ ننطلق من هنا لنتعرف منذ المشهد الأول على راقصة برودواي آشلي التي تشارك فرقة «جينغل بيلز» في تقديم العروض الراقصة على المسرح منذ 12 عاماً، ونستغرب أن تكون راقصات برودواي بهذا الأداء الضعيف والذي يبدو ساذجاً وكأنه أداء طلبة في حفل مدرسي! نتجاوز أول مشهد ونعتبره تمهيد للمشكلة التي ستواجهها فوراً آشلي مع استدعاء مديرة المسرح لها لإبلاغها بالاستغناء عن خدماتها لأنها في الثلاثينيات من العمر أي أنها أصبحت «قديمة» بالنسبة لراقصات الباليه، ولأنها تعاقدت مع شابة لتحل مكانها. الصدمة كبيرة على آشلي عاشقة الرقص وبردواي تدفعها إلى العودة من نيويورك إلى بلدتها سيكامور كريك والتي لم تزرها منذ سنوات طويلة.
أمر مفاجئ
كما هو متوقع، لا بد أن يحدث أمر مفاجئ كحادث مثلاً مع عودة آشلي إلى سيكامور كريك وقبل لقائها بوالديها وشقيقتها، حيث تصطدم بإكليل من زينة يحاول أحد العمال وضعها أمام مطعم والديها، إنه اللقاء الأول بينها وبين البطل لوك (شاد مايكل موراي)، لم نشعر بالشرارة التي اعتدنا رؤيتها في الأفلام الرومانسية لكن الموقف بحد ذاته يؤكد أن الأجواء الرومانسية آتية لا محال. يستعجل المخرج في تقديم «العقدة» أي المشكلة الكبيرة التي لا بد أن تنتظر البطلة لإيجاد حل لها، فمنذ لقائها بوالديها ستان (مايكل جروس) وليلي (بيث برودريك) تكتشف آشلي أنهما يعيشان أزمة مالية، بسبب عدم إقبال الناس على المطعم وكساد أغاني الفرق التي كانت تأتي للغناء لديهم، ما أدخل الأسرة في عجز عن سداد إيجار المطعم لستة أشهر، والطبيعي في مثل هذه الأحوال أن تكون البطلة هي المنقذة الوحيدة! رسالة جيدة ترمز إلى تماسك الأسرة والإحساس بالواجب من قبل الابنتين والتضحية من أجل إسعاد الوالدين.
استعادة الذكريات
في كل ركن سواء في بيتها أو بيت شقيقتها وفي المطعم تستعيد آشلي الذكريات من خلال صور يستعرضها المخرج من أفلام سابقة له تحمل نفس الأجواء الميلادية، وكأنه يذكرنا بأنه هو من أخرجها؛ المشكلة الحقيقية هنا أن الكتابة لا تتعمق في جوهر القصة رغم أنها مؤهلة لتشكيل فيلم أعلى من المستوى المتوسط الذي هو عليه حالياً؛ فالقصة تفتقد لعنصر التشويق الذي يجعل الجمهور يقلق على الأبطال ويبحث معهم عن حلول، المشكلة بسيطة للغاية لدرجة أنها لا تشكل أزمة حقيقية يتم بناء أي نوع من الدراما عليها؛ حتى الصراع هادئ، صاحبة المكان تطالب بمبلغ 30 ألف دولار من الإيجار المتأخر، وبدل التفكير واشتراك الجميع في القلق والبحث عن حلول نجد بروداً حتى لدى الوالدين المبتسمين دائماً ويتعاملان مع الأمر بأبسط ما يكون، ربما المقصود به تفاؤل وتسليم بالقدر.
سريعاً تجد آشلي الحل بتقديم استعراض رقص «رجالي» كي تلفت أنظار أهل البلدة فيعودون إلى المطعم! حل غير منطقي ولا مقنع، وكأن سوليفان أراد تفصـــيل فيلم على مقاس الاستعراض الذكوري، فخلق حالة تخـــدم فكرته والدليل أن القصة بلا عمق وما يسمى بالكيمياء بين الشخصــيات مفقود أو باهت.
تجاوز خط القصة
النصف الأول من الفيلم يمشي بشكل روتيني لا بأس به وتشاهده على أمل أن ترتفع تدريجياً وتيرة المشاعر العائلية والمودة بين الأصحاب والجيران.. يبرز أهمية التضامن بين الناس، وعلى «الفزعة» الموجودة لدى أهل القرى ويفتقدها أهل المدن.. لكن لماذا إقحام رقص فيه تعرٍّ ولو نصفي، ما الغرض منه؟ ولماذا كل الإيحاءات التي يتضمنها في أجواء الكريسماس العائلية؟ لسبب ما، يتجاوز الكتّاب ببساطة خط القصة وتصبح آشلي مدربة فرقة رقص ذكورية، تشكل فرقتها من الرجال المحيطين بها والذين لا علاقة لهم بالرقص، وتنجح في جمع الأموال في الوقت المحدد، ولذلك اجتهد المخرج في تحديد أجندة سير الأيام بتواريخها ليظهرها على الشاشة حتى نصل إلى ليلة الكريسماس والمتوقع أن تكن فيها الحفلة الكبرى، فيأتي اتصال من برودواي يطلبون فيه عودة آشلي «لإنقاذ الفرقة» مجدداً تلبيه متخلية عن فرقتها الرباعية في البلدة، ويقع أحد أعضاء الفرقة فيقتصر الأمر على ثلاثة رجال لينضم إليهم داني الرجل الكبير في السن إنقاذاً للموقف فيخطف الأنظار لرشاقته وأدائه المميز، إنه ماكسويل كولفيلد أما باقي الرجال فهم تروي (كولت براتيس)، روجر زوج شقيقة آشلي (مارك أنتوني صامويل) وريكي (هيكتور ديفيد جونيور بطل الساموراي الأخضر) بجانب لوك طبعاً.
برود في مشاعر الممثلين وأدائهم، حتى الحبكة الرومانسية ضعيفة، الكيمياء بين بريت روبرتسون وموراي مفقودة، الكتابة متسرعة وفقيرة، وسحر أجواء الكريسماس مفقود أيضاً وكأنه مجرد ديكور دعائي لجذب الجمهور وللترويج لفكرة مبتذلة.

[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق