غارت أمكم - بوابة فكرة وي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غارت أمكم - بوابة فكرة وي, اليوم الاثنين 4 نوفمبر 2024 11:46 مساءً

 

في إحدى المواقف العظيمة والمليئة بالحكمة من حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نجد درسًا بليغًا يمكن أن يكون منهجًا في إدارة المشاعر الإنسانية ومعالجتها. كان الموقف عندما غارت السيدة عائشة رضي الله عنها، وهي من أحب أزواج النبي إلى قلبه. القصة مشهورة و في احداثها أنه في إحدى المرات التي كان النبي يجتمع فيها مع أصحابه وضيوفه، جاءت إحدى زوجاته بصحن طعام تقدمه للرسول صلوات ربي عليه، فما كان من السيدة عائشة إلا أن عصرت الغيرة قلبها، وضربت يدها الطبق، فسقط وانكسر.
هنا، يمكن للقارئ أن يتوقع ردة فعل غاضبة أو تعنيف، ولكن رد النبي صلى الله عليه وسلم كان مفاجئًا ومليئًا بالحكمة حيث قال بهدوء وابتسامة: “غارت أمكم”.

يمكن لهذه الكلمات البسيطة أن تعكس فهمًا عميقًا للنفس البشرية والتعامل الرشيد مع المشاعر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم “غارت أمكم” ليُظهر تفهمه الكامل لمشاعر السيدة عائشة، ويُزيل أي توتر قد يشعر به الحاضرون، فبدلًا من أن ينهرها أو يعاتبها، قام بتهدئة الموقف بأبسط وألطف العبارات. كانت هذه الطريقة في التعامل تعبيرًا عن معرفته بنفوس من حوله وحبًا صادقًا يعبر عن الاحترام والتقدير.

من خلال هذه العبارة، نكتسب عدة فوائد ودروس تجعل من هذا الموقف منهجًا يجب تدريسه في المدارس والجامعات ومراكز تدريب العلاقات الأسرية، منها الاعتراف بمشروعية المشاعر. يظهر لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من الطبيعي أن يكون للإنسان مشاعر مختلفة مثل الغيرة و غيرها، وهي جزء من الطبيعة البشرية، ويجب أن تُفهم وتُحترم لا أن تُنكَر أو تُزدرى.
كما يعلمنا الموقف إدارة المواقف بعطف وحكمة، فبدلاً من رد الفعل القاسي، كان الرد النبوي هادئًا ولطيفًا. هذا التصرف يعكس فن إدارة المواقف وإعادة توجيهها نحو الحل بهدوء وبلا مشاحنات.

من الدروس المستفادة أيضًا هو التأكيد على الحب والتقدير. من خلال قوله “غارت أمكم” وضع الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة في موضع الاحترام أمام الجميع، مما جعل الجميع يتفهمون دوافعها دون الحاجة إلى تفسير. كما يظهر الموقف أهمية البعد عن التصعيد، فلم يحوّل الرسول صلى الله عليه وسلم الموقف إلى أزمة، بل استخدم الكلمات الرقيقة والاعتراف بمشاعر عائشة لينهي الموقف بهدوء.

هذا الموقف يعلمنا فنونًا أساسية في بناء العلاقات الإنسانية وإدارتها، سواء في إطار الأسرة أو في المجتمع. فالتسامح والتفهم هو مفتاح الاستقرار النفسي والاجتماعي. إذا تعلم الأجيال كيفية التعامل مع المواقف التي تنطوي على مشاعر معقدة بهذه الرؤية النبوية، فسيتعلمون كيفية الاحتواء والتقدير، بعيدًا عن التوتر والضغوط.

ختامًا إن عبارة “غارت أمكم” لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل كانت درسًا خالدًا في كيفية التعامل مع المشاعر البشرية بإيجابية وتقدير، وكيف يمكن أن تكون الرحمة والتفهم أساسًا للعلاقات الصحيحة والمثمرة.

للتواصل مع الكاتب
[email protected]

منصة X
Omartayeb91@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق