نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرد اللبناني يترك باب التهدئة موارباً والقرار عند واشنطن وتل أبيب - بوابة فكرة وي, اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 04:01 صباحاً
منذ بداية العمل على الرد على الورقة الأميركية، لم يكن الموقف اللبناني بحاجة إلى كثير من التأويل أو الترجمة. الكرة، بكل وضوح، في ملعب الأميركيين، ولمن خلفهم من منظومة القرار في تل أبيب. أما لبنان، بما قدّمه حتى اللحظة، فقد بلغ الحدّ الأقصى الممكن لبلد لا يبحث عن الاستسلام، ولا يقايض حقوقه بالفتات، بل يسعى لحماية نفسه، تثبيت سيادته، والحفاظ على وحدة مكوّناته الداخلية، رغم هشاشة المشهد الإقليمي وضغط الأزمات المتراكمة.
أمس خرج الموفد الأميركي توم باراك من على منبر قصر بعبدا، ليعلن أن "الرد اللبناني كان مرضياً"، معبّراً عن امتنانه للجهد اللبناني، متحدثاً عن "عمل مستقبلي" يمكن ان يوصل إلى تسوية، لكن في المشهد الفعلي، لا مكان للسذاجة ولا للرهان على المجاملات الدبلوماسية فقط، علماً أنّ اللبنانيين سبق أن صدقوا الكلام الدبلوماسي للموفد الأميركي السابق آموس هوكستين، وبالتالي يجب انتظار الأفعال قبل الاكتفاء بالأقوال.
المعادلة الميدانية لم تتبدّل في لبنان، الاحتلال ما زال قائماً، الاعتداءات اليومية مستمرة، والخرق الإسرائيلي المتكرّر لاتفاق وقف إطلاق النار أصبح سلوكاً طبيعياً لدى تل أبيب، في ظل صمت دولي وقبول أميركي واضح. رغم ذلك، موقف حزب الله من الورقة والطروحات وصل إلى أقصى حدود الممكن في إدارة هذه المرحلة، فهي لم تقبل بالإستسلام وأكدت انفتاحها على الحلول "اللبنانية".
بالمقابل، لم تكن حملات التهويل الإعلاميّة، ولا التسريبات المنسوبة لـ"مصادر أميركية"، سوى جزء من لعبة داخلية بامتياز، تُدار من بعض الغرف اللبنانية التي وجدت في هذه التسريبات فرصة لفرض سيناريوهات تخدم أمنياتها السياسية، ولذلك، فانّ المبالغات والتحليلات الموجهة ليست إلا محاولة تعويض عن العجز السياسي لبعض الأطراف في الداخل، فهؤلاء منذ 27 تشرين الثاني الماضي يسعون لعودة الحرب إلى لبنان، قد ينجحون بذلك وقد لا ينجحون.
لكن، وبعيداً عن هذه الزوايا، السؤال المركزي يبقى مطروحاً: هل المخاطر غائبة؟ بالتأكيد لا. المشهد ملبّد، والسيناريوهات مفتوحة على الاحتمالات كافة. وهل الثقة المطلقة بالكلام الأميركي ممكنة؟ هذا من سابع المستحيلات، فواشنطن تُتقن لعبة ازدواجيّة الخطاب، وما يُقال في الغرف المغلقة شيء، وما يُنفّذ ميدانياً شيء آخر تماماً.
الوضع إذاً، بحسب مصادر سياسية متابعة، معقّد، مرتبك، لكن النوافذ لم تُقفل بعد أمام أي طرف يبحث عن تسوية تحفظ الكرامة والسيادة وتفتح باب التهدئة طويلة الأمد. هذه الفرصة لا تزال قائمة، شرط وجود إرادة دولية فعلية، وتحديداً من الجانب الأميركي، بإخراج المنطقة من دوّامة التصعيد، تقول المصادر.
وتضيف عبر "النشرة": "أما إذا استمرّ الهروب من خيار التهدئة، وبقيت الرغبة العدوانية المبيّتة تُحرّك المشهد، فالتصعيد قادم لا محالة، سواء التزم لبنان الورقة الأميركية أو لم يلتزم. فالواقع أثبت أنّ النوايا الإسرائيلية لا تُضبط بنصوص مكتوبة ولا بوعود إعلامية".
الخلاصة واضحة، إن وقع التصعيد، فلن يكون بسبب الرد اللبناني، بل بسبب التخطيط الإسرائيلي المسبق، والنوايا العدوانيّة المستمرة التي تُطبَخ منذ أشهر. الردّ اللبناني، بعكس ما يُروّج البعض، لم يُغلق باب الاستقرار، بل أعطى فرصة حقيقية لتجنّب الأسوأ، بشرط أن يلتقط الأميركيون والإسرائيليون هذه الفرصة، وباختصار، المستقبل القريب مرهون بخيارات واشنطن وتل أبيب، وليس بردود بيروت.
0 تعليق