تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لإجراء الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء المقبل، الخامس من نوفمبر 2024، حيث سيتم انتخاب الرئيس السابع والأربعين للبلاد. ورغم أن ملايين الناخبين الأمريكيين سيُدلون بأصواتهم في هذه الانتخابات، إلا أن النتيجة لا تتحدد بناءً على عدد الأصوات الشعبية وحده، بل عبر نظام خاص يُعرف بـ"المجمع الانتخابي" الذي يُحدد من سيجلس في المكتب البيضاوي. فكيف يعمل هذا النظام؟ ولماذا تُعد "الولايات المتأرجحة" حاسمة في النتيجة؟

كيف يُنتخب الرئيس الأمريكي عبر المجمع الانتخابي؟

يتألف النظام الانتخابي الأمريكي من مرحلتين رئيسيتين: التصويت الشعبي على مستوى كل ولاية، وتصويت المجمع الانتخابي الذي يُحدد الفائز بالرئاسة. يُخصص لكل ولاية عدد محدد من أصوات المجمع الانتخابي، يعكس عدد سكانها وأهميتها النسبية، ويبلغ العدد الإجمالي لأصوات المجمع الانتخابي 538 صوتاً. ولكي يفوز أحد المرشحين بالرئاسة، يجب أن يحصل على 270 صوتاً على الأقل، وهو ما يشكل الأغلبية.

وتعتمد معظم الولايات نظام "الفائز يأخذ كل الأصوات"، حيث يحصل المرشح الذي يفوز بأغلبية الأصوات الشعبية في ولاية ما على جميع أصوات المجمع الانتخابي المخصصة لها. على سبيل المثال، إذا حصل أحد المرشحين على أغلبية الأصوات في ولاية بنسلفانيا، فإنه يحصل على جميع أصوات المجمع الانتخابي الـ19 للولاية، بغض النظر عن فارق الأصوات بينه وبين المرشح الآخر.

دور المجمع الانتخابي في حسم السباق

يشكل المجمع الانتخابي الأساس الذي تُحسم من خلاله الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فهو النظام الذي يُوازن بين تأثير الولايات الكبيرة والصغيرة في تحديد النتيجة النهائية. يمنح المجمع الانتخابي لكل ولاية وزنًا نسبيًا يتناسب مع عدد سكانها، وبذلك يُعزز من تمثيل الولايات الأصغر في عملية اختيار الرئيس.

ويتيح هذا النظام إمكانية فوز مرشح ما بالرئاسة رغم حصوله على أقلية من الأصوات الشعبية على المستوى الوطني. وقد حدث هذا عدة مرات في تاريخ الولايات المتحدة، أبرزها في انتخابات 2016 عندما حصل دونالد ترامب على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي، رغم تفوق هيلاري كلينتون عليه في عدد الأصوات الشعبية.

الولايات المتأرجحة: العامل الحاسم في نتيجة الانتخابات

تُعد بعض الولايات الأمريكية معاقل ثابتة إما للحزب الجمهوري أو للحزب الديمقراطي، لكن هناك مجموعة من الولايات تُعرف بـ"الولايات المتأرجحة"، وهي الولايات التي قد تميل إلى أي من الحزبين في كل انتخابات، مما يجعلها حاسمة في النتيجة النهائية.
 

في انتخابات 2024، توجد سبع ولايات رئيسية تتصدر قائمة الولايات المتأرجحة: ميشيغان، بنسلفانيا، وويسكونسن في منطقة "حزام الصدأ"، وأريزونا، جورجيا، نيفادا، وكارولينا الشمالية في منطقة "حزام الشمس". وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ترامب يتمتع بشعبية في بعض ولايات حزام الشمس، بينما يواصل بايدن الحفاظ على قاعدة قوية في ولايات حزام الصدأ، مما يجعل هذه الولايات نقاط تركيز رئيسية لكلا المرشحين.

متى تُعلن نتائج الانتخابات الأمريكية؟

في الانتخابات الأمريكية، قد تُعلن وسائل الإعلام الكبرى عن الفائز المتوقع استناداً إلى نتائج أولية وتوقعات مستندة إلى عدد الأصوات المحسوبة والهامش بين المرشحين. لكن أحياناً تستغرق العملية أيامًا أو حتى أسابيع، كما حدث في انتخابات 2020 التي تم الإعلان فيها عن فوز جو بايدن بعد أربعة أيام من الانتخابات. في انتخابات أخرى، قد تتسبب الطعون القانونية في تأخير إعلان النتيجة النهائية، مثلما حدث في عام 2000، حينما ظلت النتيجة معلقة لمدة شهر كامل بسبب إعادة الفرز في ولاية فلوريدا، حتى أصدرت المحكمة العليا قرارها لصالح جورج بوش الابن.

المرحلة الرسمية لإقرار الفائز

بعد إعلان النتائج الأولية، يبدأ العمل على إضفاء الطابع الرسمي على النتيجة. في السادس من يناير من العام التالي للانتخابات، يجتمع أعضاء مجلس النواب والشيوخ في جلسة مشتركة لفرز وإعلان أصوات المجمع الانتخابي رسميًا، وتُعتبر هذه الجلسة خطوة أساسية لتأكيد النتيجة. وفي حال تأكيد الأغلبية لأحد المرشحين، يُعلن نائب الرئيس رسميًا عن الفائز.

تنصيب الرئيس الجديد: لحظة انتقال السلطة

بعد إقرار النتيجة، يُقام حفل التنصيب الرسمي للرئيس الجديد في 20 يناير أمام مبنى الكابيتول الأمريكي، حيث يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية في مراسم تقليدية تُعد رمزاً للانتقال السلمي للسلطة. وعادة ما يبدأ الرئيس المنتخب في مباشرة مهامه فور تنصيبه، ويصدر غالبًا مجموعة من الأوامر التنفيذية كإعلان عن بداية أجندته الرئاسية.