نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل أن الشركة الأهلية هي نسخة عن التعاضدية؟؟ - بوابة فكرة وي, اليوم الاثنين 18 نوفمبر 2024 09:53 مساءً
نشر في باب نات يوم 18 - 11 - 2024
بدر الدين الصغير
تباعًا لتواتر الإشعارات حول الادعاءات بأن الشركة الأهلية هي مجرد نسخة عن تجربة التعاضدية التي أطلقها أحمد بن صالح، أود توضيح الفروق والاختلافات الجوهرية بين المشروعين. فهناك اختلافات كبيرة في الأهداف، والهيكلة، والرؤية التي تميز كلًا منهما. ومن المهم الوقوف عند هذه الفروقات لفهم طبيعة كل مشروع والهدف الذي يسعى لتحقيقه.
...
في الستينيات، شهدت تونس تجربة التعاضد التي هدفت إلى تحسين أوضاع الفلاحين من خلال تحويل الملكيات الفردية إلى ملكيات جماعية. لكن هذه العملية نُفذت بشكل اجباري، دون تعويضات عادلة أو مشاورات مع الفلاحين، مما أدى إلى فقدانهم لأراضيهم التي كانت مصدر رزقهم الأساسي. هذا التحول القسري وضع الفلاحين في ظروف اقتصادية صعبة، حيث فقدوا مصدر دخلهم ولم تُمنح لهم فرص للتعويض. كما أجبروا على الانضمام إلى التعاونيات والتعاضديات التي غابت فيها الحوافز الفردية الضرورية لزيادة الإنتاج، مما تسبب في تراجع الإنتاجية وارتفاع معدلات الفقر.
إدارة هذه المؤسسات عانت من التدخلات البيروقراطية والمحاباة، حيث كانت القرارات تُتخذ لخدمة المصالح السياسية أكثر من مصلحة الفلاحين، مما زاد من تدهور الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. فقد الفلاحون استقلالهم في إدارة أراضيهم ولم يتمكنوا من التكيف مع التغيرات الاقتصادية أو المناخية بسبب المركزية المفرطة في اتخاذ القرارات، مما جعلهم عاجزين عن مواجهة التحديات المحلية. كما أن غياب آليات شفافة وعادلة في عمليات الضم القسري بين الفلاحين الكبار والصغار أدى إلى تفشي الفساد والمحسوبية. وبسبب هذه الأوضاع، اضطر العديد من الفلاحين إلى بيع أراضيهم ومواشيهم بأسعار زهيدة خوفًا من فقدانها بالقوة، مما زاد من معاناتهم الاقتصادية ودفع البعض للهجرة إلى المدن.
لو تم تنفيذ التوصيات القانونية للمشروع بشكل جدي، لكان بالإمكان ضمان حقوق الفلاحين في الأرض وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. لكن تغييب التنفيذ الفعلي لهذه التوصيات، مع إضمار نوايا خفية، أدى إلى فشل المشروع وتدهور الإنتاجية وارتفاع الفوارق الاجتماعية.
على النقيض من ذلك، تقدم الشركات الأهلية نموذجًا إيجابيًا بديلاً لهذا النظام. في الشركات الأهلية، يتمتع الأعضاء بنظام إداري ومالي مستقل يسمح لهم باتخاذ القرارات بحرية والمشاركة الفعالة في إدارة المشاريع. يقوم هذا النظام على الشفافية والتعددية، مما يعزز العدالة بين الأعضاء ويحفزهم على تحسين الإنتاجية. كما تتمتع الشركات الأهلية بمرونة كبيرة في التكيف مع التغيرات الاقتصادية والمناخية، مما يضمن استدامتها وقدرتها على توزيع العوائد بشكل عادل وشفاف.
تمثل الشركات الأهلية، بخلاف نظام التعاضد، نموذجًا أكثر قدرة على تحقيق الاستدامة والتنمية المحلية دون تدخلات بيروقراطية أو سياسية. يعتمد النظام الأهلي على المشاركة الفعالة ويُحفز تطوير المشاريع المحلية التي تعود بالنفع على المجتمع ككل، مما يساعد على تقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق العدالة الاقتصادية.
اليوم، ونحن في مرحلة إعادة البناء، يجب علينا العمل على إصلاح شامل للقوانين والتشريعات التي تنظم مثل هذه التجارب الاجتماعية الأهلية. إن هذه التجارب تمثل حجر الأساس في بناء مجتمعات قاعدية مستدامة تضمن مشاركة الجميع في صنع القرار، بعيدًا عن التدخلات السياسية أو البيروقراطية. من خلال هذه الإصلاحات، يمكننا تمكين المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها وتحقيق تنمية مستدامة قائمة على العدالة والمساواة.
لذا، ينبغي علينا تطوير بيئة قانونية مرنة وشفافة تتيح للفلاحين والمجتمعات المحلية التكيف مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مما يضمن لهم فرصة تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التنمية المستدامة.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار
.
0 تعليق